دور الإسلام في المحافظة على البيئة
في بداية بحث عن دور الإسلام في المحافظة على البيئة لا بدَّ من الإشارة إلى مفهوم البيئة الإسلام، حيثُ يدلُّ هذا المفهوم في الإسلام على كلّ ما يحيط بالإنسان وكلِّ ما يؤثّر على صحته ومعيشته، فيدلُّ على الطبيعة على وجه الأرض وما فيها من كائنات حية أو غير حية، ويدلُّ على المدن والقرى وما فيها من شوارع وأبنية ونباتات وأنهار وأشجار وغير ذلك، ويشتملُ مفهوم البيئة على ما يتناوله الإنسان من طعام وشراب، ويشمل جميع العوامل الجوية التي تحيطُ به، فالبيئة بشكل عامّ هي جميع المجتمعات الحية والأشياء الجامدة غير الحية في مكان ما.
وقد يضيق هذا المفهوم في الإسلام ويشير إلى الإنسان ومكان عمله أو مسكنه، وقد يتَّسع ليشمل السماء التي تظلُّ الإنسان والأرض التي يسير عليها، فالبيئة كلُّ ما يحيط بالإنسان من موجودات وماء وهواء وجمادات وكائنات حية وغير حية تكوِّن جميعها مجالًا حيويًّا طبيعيًّا يعيش فيه البشر ويمارسون نشاطاتهم وحياتهم الطبيعية، وفي بحث عن دور الإسلام في المحافظة على البيئة لا بدَّ من الإشارة إلى أنَّ البيئة في الإسلام نظامٌ متوازنٌ ومتناسقٌ ومضبوطٌ وفق ضوابط دقيقة وبنظامٍ دقيقٍ جدًّا صُنعت بيدِ أحسن الخالقين تعالى وأحكم الحاكمين، وهذا ما أخبر به الله تعالى في كتابه الكريم، قال تعالى في محكم التنزيل يصفُ البيئة والتي هي من صنع الله تعالى: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [١][٢]
ولم يتركِ الإسلام أمرًا من أمور الدنيا إلا نظَّمه للبشر حتى تنتظم حياتهم ويكونوا من الناجحين في الدنيا والآخرة وكذلك أمر البيئة، ومنذ أن خلقَ الله تعالى سيدنا آدم -عليه السلام- أخبرَ الملائكة بأنَّه سيجعلُ في الأرض خليفةً يعمر الأرض ولا يهدمها، ويحافظُ على ما فيها ولا يخربها، قال تعالى في سورة البقرة: {إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [٣]، وسيُشار في بحث عن دور الإسلام في المحافظة على البيئة عن بعض ما وردَ في كتاب الله تعالى وفي أحاديث رسوله -صلَّى الله عليه وسلم- عن المحافظة على البيئة، حيثُ سمَّى الإسلام الإضرار بالبيئة أو تلويثها إفسادًا ووصفَ من يقوم بتلويث البيئة بالمُفسد، فالبيئة هي المكان الذي يعيش فيه الإنسان بما يحويه وهي ملجأه الوحيد في دنياه، ويشكّل أهمّ مقومات الحياة لديه، لذلك فإنّ المحافظة على البيئة هي محافظة على حياة الإنسان بالدرجة الأولى.
والمحافظة على البيئة في الإسلام تتمثَّل في كثيرٍ من الوجوه، فمن الأمور التي حذَّر الله منها من أجل المحافظة على البيئة والتي تؤدّي إلى إفسادها عدم الإسراف، فقد حذَّر الله تعالى من الإسراف في كلِّ شيء؛ لأنَّ هذا الفعل يؤدي إلى استنزاف الموارد الطبيعية التي وهبها الله لنا في الطبيعة، ومن يقوم بتبديد هذه الموارد عبثًا آثمٌ في الإسلام، قال تعالى: {كلوا واشرَبوا من رِزقِ الله ولا تعثَوا في الأرضِ مُفسدِين} [٤]، وقال تعالى أيضًا محذِّرًا من الإسراف والمسرفين ومبيِّنًا أنَّ المسرفين يفسدون الأرض والبيئة فيها: {ولا تطيعُوا أمرَ المسرِفين * الذِين يفسدُون في الأرضِ ولا يُصلِحُون}
ومِن أسمى ما ورد في المحافظة على البيئة والذي يجب أن يشار إليه في بحث عن دور الإسلام في المحافظة على البيئة النهي عن الفساد في الأرض والذي كثيرًا ما وردَ حوله آيات من الله تعالى، والإفساد في الأرض الذي ذكره الله تعالى هو ما يوصفُ في العصر الحديث بمفهوم التلوّث البيئي، قال تعالى: {وإذا قيلَ لهُم لا تفسدُوا في الأرضِ قالُوا إنَّما نحنُ مصلِحُون * ألا إنَّهم هم المُفسِدون ولكِن لا يَشعرون} [٦]، وقد شمِلَ النهي عن الفساد في غير موضع النهي عن إلحاق الضرر بالحَرث والنسل، قال تعالى: {وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد} [٧]، وكما اتَّسع النهي عن الفساد ليشمل بقية الكائنات والعناصر الموجودة في الطبيعة من حيوانات ونباتات وجمادات.
وقد وردَ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- العديد من الأحاديث التي تؤكدُ دور الإسلام الكبير في المحافظة على البيئة، وفي بحث عن دور الإسلام في المحافظة على البيئة سيتمُّ ذكر بعض هذه الأحاديث النبوية، ففي الحديث الذي ورد عن خالد بن يزيد عندما وصَّى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الجيش وهو يتأهب للانطلاق في غزوة مؤتة في قوله: "لا تقتُلُنَّ امرأةً ولا صغيرًا ضرعًا ولا كبيرًا فانيًا ولا تُغرِقُنَّ نخلًا ولا تقطعُنَّ شجرًا ولا تهدِموا بناءً" [٨]، ففي هذا الحديث الذي اشتمل على عدد من النواهي يدعو رسول الله إلى الحفاظ على البيئة بكل مكوناتها من أحياء وغير أحياء، وبذلك فإن الإسلام دعا إلى الحفاظ على البيئة وحمايتها من التلوث والتخريب بداية من الإنسان والحيوان والنبات وصولًا إلى الهواء والماء والأرض.
من أدلة المحافظة على البيئة
وردت عدّة أدلةٍ من القرآن الكريم والسنة النبوية تحثّ على المحافظة على البيئة، وفيما يأتي ذكر البعض منها:
سخّر الله -تعالى- الكون بما فيه لخدمة الإنسان، ولا بدّ منه المحافظة على ما فيه، حيث قال الله سبحانه: (وَما ذَرَأَ لَكُم فِي الأَرضِ مُختَلِفًا أَلوانُهُ إِنَّ في ذلِكَ لَآيَةً لِقَومٍ يَذَّكَّرونَ*وَهُوَ الَّذي سَخَّرَ البَحرَ لِتَأكُلوا مِنهُ لَحمًا طَرِيًّا وَتَستَخرِجوا مِنهُ حِليَةً تَلبَسونَها وَتَرَى الفُلكَ مَواخِرَ فيهِ وَلِتَبتَغوا مِن فَضلِهِ وَلَعَلَّكُم تَشكُرونَ*وَأَلقى فِي الأَرضِ رَواسِيَ أَن تَميدَ بِكُم وَأَنهارًا وَسُبُلًا لَعَلَّكُم تَهتَدونَ).
قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ما مِن مُسْلِمٍ يَغْرِسُ غَرْساً إلَّا كانَ ما أُكِلَ منه له صَدَقَةً).
رُوي عن سعد بن أبي وقاص أنّه قال: (إنَّ اللهَ تعالى طيبٌ يُحِبُّ الطيبَ، نظيفٌ يُحِبُّ النظافةَ، كريمٌ يُحِبُّ الكرَمَ، جوَادٌ يُحِبُّ الجودَ، فنظِّفوا أفنيتَكم، ولا تشبَّهوا باليهودِ).
مكونات البيئة
تحدّث القرآن الكريم عن مكونات البيئة، ومنها: السماء التي ذُكرت مئةً وعشرين مرةً، فهي مصدر الجمال والزينة للأرض، والسقف الذي يحيد الأرض من جميع الجوانب؛ ليحميها من الأشعة التي قد تشكّل الضرر على الناس، ومنها أيضاً السماء التي سخّرها بما فيها للإنسان، والأرض أيضاً من مكونات البيئة، وهي البيئة الطبيعية لجميع المخلوقات، وتأتي بثمارٍ عديدةٍ، وتتكون قشرتها من معادن عدّةٍ تدخل في حياة الإنسان، والماء من المكونات التي تعدّ أساس الحياة، ويتشكل منه جسم النبات والحيوان والإنسان، ولا توجد حياة أو حضارة دون الماء، وجعل الله -تعالى- الماء حقاً لبني آدم وجميع المخلوقات، والهواء من الكونات التي يمتلكها الجميع، وذكر الهواء في القرآن بلفظ الريح والرياح وهي الهواء المتحرك في جميع الطبقات التي تحيط بالأرض، والنبات لمكوّن الذي يعدّ مصدر الغذاء الذي قد يكون من منتجاتٍ حيوانيةٍ أو نباتيةٍ، والنبات هو المصدر الأول للأكسجين الذي لا يمكن لأحدٍ الاستغناء عنه، الحيوان جاء ذكره في القرآن، كما أنّ بعض السور جاءت مسماةً بأسماء الحيوانات، مثل: سورة البقرة والنمل والعنكبوت والنحل وغيرها، وذكرت من باب تنبيه الإنسان إلى أنّ في دراسة كلّ خلقٍ من مخلوقاته سبيلٌ علميٌ قد يقود الناس إلى الإيمان، وجعل الله هذه الحيوانات مسخرةً للإنسان وفيها منافع عديدةٌ، ومن خلال هذه المكونات تتضح حقائق عديدة، ومنها: أنّ أصل هذه المكونات طاهرةٌ ومباركةٌ ونقيةٌ وخلقها الله مسخرةً لمنفعة الإنسان، وعلى الإنسان أن يستمر في شكر الله -تعالى- عليها، التي قد تكون سبباً لعذاب الإنسان في حالة التكبّر والاستكبار على الله -عزّ وجلّ- كما حصل مع الأقوام السابقة.
الزوار وصلوا الى هذه الصفحة عن طريق الكلمات التالية :
دور الإسلام في المحافظة على البيئة
دور الإسلام في المحافظة على البيئة doc
دور الإسلام في المحافظة على البيئة لغتي
دور الاسلام في المحافظة على البيئة لغتي الخالدة
دور الاسلام في المحافظة على البيئة ويكيبيديا
دور الاسلام في الحفاظ على البيئة
ما دور الاسلام في المحافظة على البيئة
مفهوم دور الاسلام في المحافظة على البيئة
دور الاسلام المحافظة على البيئة
بحث عن دور الاسلام في المحافظة على البيئة
دور الاسلام في المحافظة على البيئة
مشروع دور الاسلام في المحافظه على البيئه
دور الإسلام في المحافظة على البيئة يوتيوب
دور الإسلام في المحافظة على البيئة يوميا
دور الإسلام في المحافظة على البيئة يسمى
ي دور الإسلام في المحافظة على البيئة pdf
اضف تعليق لنستمر في جهدنا