بحث عن الاعلام في الاسلام

                            الإعلام في الإسلام
ما يزال تعبير الإعلام في لغتنا العربية يحتاج إلى تحديد، فبرغم شيوع كلمة الإعلام
في ثقافتنا العربية، و برغم الدراسات الإعلامية الحديثة في الوطن العربي و غيره،
فإن اصطلاح الإعلام أحيانا يتسع ليشمل مفهوم الاتصال، و يضيف أحيانا فيقتصر على
وسائل الإعلام وحدها0
فنجد أن مفهوم الإعلام في اللغة بأنه " مصدر أعلم و أعلمت كأذنبت و يقال استعلم لي
خبر فلان و أعلمني حتى أعلمه، واستعلمني الخبر فأعلمته إياه، وأعلم الفارس، جعل
لنفسه علامه الشجعان، وأعلم الفرس أي عاق عليه صوفا أحمر أو أبيض في الحرب ، وأعلم
نفسه وسمها بسيما الحرب" 0
وتعدد المعاجم المختلفة من مادة "علم" و مشتقاتها، فهي في كثير من استعمالاتها تعني
العلم الذي هو ضد الجهل و تعني الإخبار أو الإنباء بشيء، و هي مفاهيم لا تبتعد
كثيرا عن المعنى الاصطلاحي للإعلام، فهناك عدة مصطلحات مختلفة للإعلام، فنعني
بالإعلام اصطلاحا"بأنه بث رسائل واقعية أو خيالية موحدة على أعداد كبيرة من الناس
يختلفون فيما بينهم من النواحي الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية
فالإعلام يعتبر جملة من المعلومات، التي تعمل مساعدة المستقبلين هنا هم الأفراد أو
الجماعات من خلال الاتصال و التفاعل الذي يتم بينهم، و يمكن القول بأن الإعلام "
يقصد بالمعلومات و الأخبار أي مضمون يعمل على تنوير المستقبلين و رفع الغشاوة عن
أعينهم ، و مساعدتهم على صناعة القرار
المناسب20"و نرى أن مكونات عملية الإعلام تتفاعل و تكون في صورة تغييرات مستمرة
خلال فترة من الزمن، فالتفاعل يتم بين فردين و يسمى الاتصال هنا بالاتصال الشخصي،
كما يتم بين أفراد وجماعات متفرقة و يسمى اتصال جمعيا، فالمرسل لا يستطيع أن يتفاعل
مع أفراده وجها لوجه. فالإعلام " هو جانب من عملية الاتصال التي يتفاعل بمقتضاها
متلقي و مرسل الرسالة في مضامين اجتماعية معينة أو معنى مجرد أو واقع معين0
فالاتصال يقوم على المشاركة في المعلومات و الصور الذهنية و الآراء10" و التأثير في
سلوك المستقبل هو هدف عملية الإعلام، فالرسالة الإعلامية التي لا تحضى باستجابة
المستقبل لا يمكن أن تعتبر اتصالات.
فقد تلجأ العملية الإعلامية بطرقها ووسائلها للوصول إلى عقول الناس، فالمهم أن تكون
عاملا مؤثرا على الفرد في مجتمعاتنا الإسلامية0
فهنا جاء  مفهوم الإعلام العام ليختلف عن قول الآخرين:"إن الإعلام هو الإخبار
بالحقائق و المعلومات الصادقة من أجل اتخاذ موقف صحيح ، فهذا القول أيضا تصور لما
يجب أن يكون عليه الإعلام، و ليس تعريفا لحقيقته20"
فهو قد يقوم على تزويد الناس بأكبر قدر من المعلومات الصحيحة و الحقائق الواضحة،
فبذلك يعتمد على نشر الحقائق و الأخبار و المعلومات الصادقة التي تنساب إلى عقول
الناس، و حينئذ يخاطب العقول لا الغرائز
و قد يقوم على تزويد الناس بأكبر قدر من الأكاذيب، و قد ينشر الأخبار و المعلومات
الكاذبة أو التي تثير الغرائز، فتحط من مستوى الناس و حينئذ يتجهون إلى غرائزهم لا
إلى عقولهم ليكون:" كل نقل للمعلومات و المعارف و الثقافات الفكرية و السلوكية،
بطريقة معينة ، خلال أدوات ووسائل الإعلام و النشر ، الظاهرة و المعنوية ، ذات
الشخصية الحقيقية
أو الاعتبارية، بقصد التأثير سواء عبر موضوعيا أو لم يعبر، و سواء كان التعبير
لعقلية الجماهير أو لغرائزهم10"
و هذا ما يجري الآن في كافة البلاد العربية من خلال جميع وسائلها الإعلامية
المختلفة، فالتعريف العلمي للإعلام يجب أن يشمل النوعين حتى يضم الإعلام الصادق و
الإعلام الكاذب0
لقد علمنا أن الإعلام نشاط مستقل في المجتمع له أهدافه ووسائله ووظائفه المتميزة، و
أجهزته على المستويات الوطنية و الدولية و العالمية0 و هناك أيضا ما يسمى بالإعلام
الإسلامي ، ومما يجدر بنا أن نذكره بأن الإعلام الإسلامي لا يقتصر فقط على الوسائل
الدينية المتخصصة أو العامة،مثل: إذاعات القرآن الكريم، أو الوعظ و الإرشاد أو خطبة
الجمعة،بل إنه يستخدم جميع وسائل و أجهزة الإعلام المتخصصة و العامة في المجتمع
الإسلامي في تحقيق أهدافه0
فالإعلام الإسلامي " هو عملية الاتصال التي تشمل جميع أنشطة الإعلام في المجتمع
الإسلامي و تؤدي جميع وظائفه
المثلى، الإخبارية و الإرشادية و الترويجية على المستوى الوطني و الدولي والعالمي ،
و تلتزم بالإسلام في كل أهدافها ووسائلها و فيما يصدر عنها من رسائل و مواد إعلامية
و ثقافية و ترويجية و تعتمد على الإعلاميين الملتزمين بالإسلام قولا و عملا ، و
تستخدم جميع و سائل و أجهزة الإعلام المتخصصة والعامة10"
فهو ليس مجرد بعض دروس و مواعض تلقى من خلال أجهزة الإعلام و لا تلك المسلسلات
التاريخية عن التاريخ الإسلامي التي تعرض ضمن برامج الإذاعات أو التلفزيونات في بعض
العربية ،وإنما الإعلام الإسلامي هو كل ما يصدر عن وسائل وأجهزة الإعلام في المجتمع
الإسلامي من مواد ورسائل وأخبار وحقائق وندوات وبرامج موجهة ،اقتصادية واجتماعية
وسياسية وثقافية وترويحية وغيرها .
فالإعلام الإسلامي هو أسلوب عصرنا الحديث لتبليغ رسالة الإسلام ويدخل في مضمونه
البشارة والنذارة ،والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،فالتبشير إعلام بالخير
،والإعلام
إعلام بالخطر ،والإعلام الإسلامي إعلام للناس بالحق الذي ينبغي أن يلتزموا به
،وإعلام بالباطل الذي عليهم أن يبتعدوا عنه .
فالإعلام الإسلامي " بيان الحق وتزيينه للناس بكل الطرق والأساليب والوسائل العلمية
المشروعة ،مع كشف وجوه الباطل وتقبيحه بالطرق المشروعة بقصد جلب العقول إلى الحق
،وإشراك الناس في خير الإسلام وهديه ،وإبعادهم عن الباطل وإقامة الحجة عليهم
1".والإعلام الإسلامي قبل كل شيء أداة الدعوة لبلوغ هدفها ،فهو إعلام ذو مبادى ء
أخلاقية وأحكام سلوكية مستمدة من دين الإسلام ،وهو إعلام واضح
صريح عفيف الأسلوب ،نظيف الوسيلة ،شريف القصد عنوانه الصدق ،وشعاره الصراحة وغايته
الحق ،لا يضل ولايضلل ،بل يهدي إلى الحق ،ولا يعلن إلا ما يبطن ولا يتبع الأساليب
الملتوية ولا سبل التغرير والخداع .













 الـقرآن الكـــريم:
إن القرآن الكريم كتاب إعلامي نزل بالحق لتحقيق غرض معين وهو الدعوة إلى الله تعالى
،وتثبيت عقيدة الوحدانية،ووضع التشريعات التي تنتظم بها شؤون الدنيا والآخرة سالكين
في ذلك مجموعة من الوسائل منها :الحوار المنطقي ،الموعظة الحسنة ،وقصص الأنبياء
وقصص أخرى،ومناقشة المواقف والقضايا التي تعرض للناس.
" فيعتبر القرآن الكريم أكبر وسيلة من وسائل الإعلام،فقد اعتبره بعض الكتاب
الإسلاميين رسالة إسلامية معجزة1 تقف على قمة العمل الإعلامي .فقد تحدى الله تعالى
الناس جميعا أن يأتوا بمثل هذا القرآن أو بسورة أو بآية أو آيات منه .
فالإعجاز في القرآن هي الحقيقة الإعلامية الخالدة،حيث يستعين باللغة الفصيحة
والعبارة البليغة الواقعية القادرة على غزو القلوب والعقول ،مما جعله حتى اليوم
الوسيلة الإعلامية التي تحقق وحدة الفكر للمسلمين1.
ونستنتج من ذلك أن القرآن الكريم ظاهرة تاريخية منفصلة عن العصر الحاضر أي أنه لم
يتوقف تأثيره في صنع الأفكار و تعيين العادات والتقاليد والتأثير في النفوس في فترة
محددة و معينة ،بل إنه لا يزال محتفظا بالدفاع عن أصالته وثباته وقدرته على
المعاصرة .
     والقرآن الكريم :تاب إعلامي نزل من عند الله تعالى لتحقيق غرض معين ،هو هداية
البشر كافة إلى الله تعالى ،وتثبيت عقيدة الوحدانية ،ويعني ذلك أن القرآن الكريم قد
سيق إلى استخدام أساليب الإعلام الحديث،
فهو يتميز بمقومات خاصة ،نوردها كالآتي :
1- التنوع في الأداء والواقعية في الأدوار .
2- البيان المعجز.
3- التزام الصدق.
4- المواجهة الصريحة والاهتمام بالسلوك.
5- الشمول لمختلف القضايا والمواقف المتعلقة بشؤون الإنسان في الدنيا والآخرة .
6- تقديم الحقائق العلمية في قدرة الإنسان على الاستيعاب .
7- اتباع أسلوب الأداء الأمثل في التنوع والتغيير1.
وإذا كان القرآن الكريم وما يتميز به من مقومات وخصائص ،والذي هو شريعة الله تعالى
ودستور المسلمين الذي يصلح لكل زمان و مكان ،فإنه يجدر بنا حفظ القرآن الكريم
وترتيله،ليس في المناسبات فقط أو في أشهر معينة ،بل في أي وقت وفي أي مكان وذلك
سعيا وراء البركة واستفادة مما يحويه من أحكام وتشريع ."فما أحوج الإعلام الإسلامي
وهو يدعو ويعلم ويصحح أن يكون القرآن هو وسيلة في الإعلام و التبليغ .فالقرآن
الكريم كتاب سماوي ينفرد بطريقته في عرض الوقائع وتقرير1 الأحداث2يين أحكام الله
،وأسلوب معين في التعليم والتوجيه والوعظ2 ".
وكان كرد فعل لهذا أن نشأت الجمعيات الدينية المختلفة التي تدعو إلى حفظ القرآن
الكريم،كما انتشرت مكاتب تحفيظ القرآن في كل قرية وفي كل مدينة ،فقد قاموا بنشر
دعواهم المختلفة من أجل التمسك بالقيم الدينية وكان من أبرزها حفظ القرآن والتمسك
بأحكامه والمطالبة بتطبيقها كقوانين تحكم علاقات البشر بعضهم البعض .
 الـــسنة النــــبوية :
        كان الرسول -صلى الله عليه وسلم -في جميع أحواله وفي كل ما ينطبق به من
أقوال وأحاديث يمثل القرآن الذي نزل عليه ،فصدقت السيدة عائشة أم المؤمنين -رضي
الله
عنها -حين سئلت عن خلق الرسول فقالت:صلى الله عليه وسلم- "كان خلقه القرآن ".
                  " فيلي القرآن الكريم في الأهمية الحديث الشريف ،فهو وسيلة
إعلامية شديدة الفاعلية (...) فلاتزال أعمال الرسول -صلى الله عليه وسلم -ووسائله
وأحاديثه وخطبه أكبر مصدر للعلم والثقافة الإسلامية في العالم ،والرسول-صلى الله
عليه وسلم -يعتبر الرسالة الإعلامية الأولى ،فهو النموذج المثالي المبلغ لها ،فسنته
الشريفة تمثل الرسالة الإعلامية المثلى 1".فالحديث الشريف يعتبر وسيلة إعلامية شمل
الكثير من التاريخ والقصص وغيرها التي تمثل أوسع ثروة من المواد الإعلامية التي
تغطي احتياجات الإعلام الإسلامي في جميع المجالات ،فقد يعتمد عليه في نشر الدعوة
وفي شرح تعاليم الإسلام،وفي الحث على العمل والجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر ،وغير ذلك مما يتعلق بشؤون الحياة الدنيوية والأخروية .
          إن كل دعوة لابد لها من داعية ،وهذا الداعية لابد أن تتوافر فيه خلال
وينفرد منها خصال ،والله سبحانه العليم بخلقه ،لما تعلقت إرادته العليا بإنزال
الدعوة الإسلامية
اصطفى لها رجلا توفرت فيه كل مقومات الرسول .فاصطفى لها
محمد -صلى الله عليه وسلم - ( وإنك لعلى خلق عظيم ) ،وأجملهم خلقا وأدبا (أدبني ربي
فأحسن تأديبي ،وحاول بالحكمة والموعظة الحسنة والكلمة اللينة المحببة ( ولو كنت فظا
غليظ القلب لانفضوا من حولك  لقد " كان رسول الله قدوة حسنة ،فقد كان صادقا ومؤمنا
بالرسالة إيمانا لا حدود له ،وكان طلق اللسان ومحدثا لبقا ،محبا للناس ،كما حدث في
يوم "أحد"حين كسرت رباعيته1 وشبح2وجهه وشق3ذلك على
أصحابه وقالوا "لو دعوت عليهم "فقال : "إني لم أبعث لغانا ولكني بعثت داعيا و رحمة
اللهم اهدي قومي فإنهم لا يعلمون . (...) و كان الرسول له طابع مميز في خطبه إذا
كانت تتسم بطابع التبشير والدعوة أو الدعاية 1"
         وهكذا كان الرسول المثل الأعلى للدعاية وقد زوده الله بالحلم والحكمة
والصبر ،فعندما يئس أهل مكة ذهب إلى الطائف يدعوها إلى الإسلام فأوذي أبلغ الأذى
،ولكنه كان صابرا محتسبا إلى الله تعالى ،داعيا إلى الخير والموعظة الحسنة .
         لقد تم الحديث عن الأحاديث النبوية وطرق استغلالها في الأمور السياسة
لتكون دليلا واضحا على أن لها قدرة ادعائية ازدادت مع الأيام قوة .
       فهاهي الأحاديث النبوية أصبحت تتماشى مع الدعوة الإسلامية ومع القرآن وذلك
في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم - وأنها كانت قوة  هائلة في نشر الدين والعمل
بالقرآن وذلك على الوجه الذي لا نظير له في أية فترة أخرى من فترات الإسلام .
وأحاديث الرسول -صلى الله عليه وسلم -ملذة قوية تصلح لكل ثورة من الثورات الإسلامية
،فالمسلمين يعتمدون اعتمادا قويا على الأحاديث النبوية ،فقد تركت في نفوسهم من
الأثر العميق ما لا تتركه وسيلة أخرى من وسائل الإعلام ،باستثناء القرآن .
وهكذا للحديث أوسع مادة للعلم والثقافة وقد اعتمد عليه الحكام وأهل المذاهب الدينية
لنشر مذاهبهم1 .
          نستنتج من ذلك أن للحديث أوسع مادة للدعاية ،فقد اعتمد عليه الحكام في
الترويج لسياستهم . كما اعتمد عليه أهل المذاهب الدينية لنشر مذاهبهم .
 الـحـــــــج:
      عند الحديث عن الحج لا نتحدث عنه بأنه ركن من أركان الإسلام ،ولا من حيث هو
نوع من أنواع الهجرة إلى الله أو من حيث حكمته البالغة في جمع كلمة المسلمين من شتى
بقاع العالم ،ولا من حيث الغاية التي شرع من أجلها ليكون اتباعا للدين الحنيف
،وإنما الهدف هو التحدث عن الحج من حيث أنه أكبر ,سائل الدعوة الإسلامية حيث أنه
مقرون بكثير من المظاهر الإعلامية والأشكال الادعائية .
" فهي من الوسائل الإعلامية الخاصة بالإسلام ،فالحج هو المؤتمر الأكبر العالمي
والتجمع الأعظم ، يلتقي فيه المسلمون من
مشارق الأرض ومغاربها - لقول الله تعالى " وأذن1 في الناس بالحج يأتوك رجالا2 وعلى
كل ضامر3 يأتين من كل فج 4عميق ". صدق الله العظيم5 .
فالله تعالى حث ونأى إلى التجمع الأكبر و الأضخم ،والمؤتمر الأعظم هو يوم الحج
الأكبر ،الذي فيه يلتقي المسلمون من كل مكان مستجيبين لنداء الله ،مهاجرين بقلوبهم
إلى الله ،تاركين أهلهم و ذويهم ،متجردين لعبادة الله وذلك بالطريقة التي رسمها لهم
لا يحيدون عنها أبدا .
ولفريضة الحج الأثر الأكبر في نفوس المسلمين ،فهو يثبت عقيدتهم ويزرع الإيمان
والسكينة فيهم فقد عزم الرسول -صلى الله عليه وسلم - على أداء فريضة الحج ليبين
مناسك الحج والعمرة ،وأشكاله التي تعتبر من الأشكال الادعائية والدعوة إلى الإسلام
وأولها النشيد الذي يهتف به المسلمون متوجهين مترعين إلى الله تعالى .
فمن مظاهر الدعوة الإسلامية التي اقترنت بفريضة الحج .
1- الطواف حول الكعبة سبعة أشواط .
2- الوقوف بعرفات :مؤتمر عظيم يجتمع المسلمون من كل أقطار الأرض .
3- التلبية والتكبير :نداء بشعارات تحمس المسلمين ،وفي تكرارها أسلوب إعلامي لتثبيت
معاني التوحيد والطاعة لله تعالى .
4- رمي الجمرات : أسلوب إعلامي فعال لتثبيت معاني محاربة الشيطان
5- السعي بين الصفا والمروة : و هو عمل إعلامي رائع يحقق غاية كبرى يزداد بها
المسلمون تعلقا بدينهم والتمسك به .
إن للحج الأثر العميق التي يزداد بها المسلمون تعلقا بالرسول -صلى الله عليه وسلم -
وتقييدا به ،فالحج يعتبر من أكبر وسائل الإعلام الإسلامي فهو ركن هام من أركان
الإسلام
ويمكن للمسلمين أن يتخذوا هذه الوسيلة الإعلامية مؤتمرا إسلاميا يعرضون فيه آرائهم
وأفكارهم وقضاياهم ، فهل للحج منافع أخرى غير العبادة ؟
مما لا شك فيه أن التجمعات السليمة في كل زمان و مكان لا تخلو من الفوائد التي تعود
بالخير على الإنسان، فمن هذه الفوائد التجارة وتبادل السلع المادية، ومن هذه
الفوائد أيضاً الإعلام وتبادل السلع الإخباريةوالمود الروحية . فما الحج  الإ سوقاً
كبيراً من الأسواق المشهورة في الأمم القديمة و الحديثة ، فلم تكن هذه الأسواق
مقصورة على البضاعة التجارية دون البضاعة المعنوية 1
على المسلمين أن يغتنموا هذه العبادة واستغلالها استغلالا سليما ،والاستفادة منها
،بحيث أنها الفرصة التي تتاح لهم في الحج لينتفعوا بهذه الوسيلة الإعلامية القوية
ولعل ذلك ما أراده الله تعالى بقوله " ليشهدوا منافع لهم " صدق الله العظيم .
 ســوق عكـــاظ:
إن السواق عند العرب لم تكن مراكز للمبادلات التجارية فقط، ولكنها كانت معرضا
للبضائع الفكرية الأدبية إلى جانب أنها معرض للبضائع المادية أو التجارية .
              ففيها كانت تعلن القبيلة الحرب على قبيلة أخرى ، وفيها كان يحدث
التعارف بين الناس ،وفيها كان الشعراء من كل قبيلة شاعر تختاره القبيلة ليعرض شعره
على الناس ليتم نقده ،كالنابغة وغيره ،ومن هذه الأسواق ، سوق عكاظ ،التي هي في نظر
التاريخ أعظم أسواق العرب في الجاهلية ،
" فعكاظ هي المعرض العربي العام أيام الجاهلية . فهو مجمع أدبي لغوي رسمي ، له
محكمون تضرب عليهم القباب ،فيعرض شعراء كل قبيلة عليهم شعرهم و أدبهم، وما استجدوه
فهو الجيد وما يهجروه فهو الزائف.
       وهي معرض لكثير من عادات العرب و أحوالهم الاجتماعية ، فهنا قس بن ساعدة
يخطب في الناس ويذكر الخالق ويأمرهم بفعل الخير . وهنا ندوة سياسية عامة تطرح
فيها أمور كثيرة من القبائل . فمن أراد إجازة أحد ، هتف بذلك في عكاظ حتى يسمع عامة
الناس ،ومن أراد إعلان الحرب على قوم أعلنه في سوق عكاظ1 .
       وكانت هذه السوق تقوم بين العرب يومئذ مقام الرسمية في أيامنا هذه، فمن عملا
شائنا،غير محمود، وخرج عن عادة العرب شهروا به في عكاظ ،فعرفوه فاجتنبوه.
وكثير من قبائل العرب تقيم في عكاظ ، فهم يتفاخرون ويتنافرون ويتعاظمون ،فلم يكن
للعرب سوق عكاظ .
        وعكاظ تقع بين مكة والطائف ، و تقام هذه السوق في ذي القعدة، وتنزله قريش
وهوازن وغطفان وخزاعة والأحابيش وطوائف من العراق والبحرين واليمامة وعمان واليمن
وسائر أطراف الجزيرة . وليس فيها مكس ولا أعشار؛لأنها لا تتبع أحدا من الأمراء .
وقف رسول الله بعد مبعثه بثلاث سنوات في عكاظ يدعو الناس إلى الخير والهدى
والإيمان، فتملكه حزن عميق على قومه الذين كفروا بالله ، فعزم أن يأتي كل قبيلة
بمنزلها وكل جماعة في حيهم،يعرض عليهم هذا الدين1 .
           نستنتج أن للاتصال والإعلام ميادين كثيرة في البيئات القديمة ،فقد عرف
الإنسان كل من الإعلام والدعاية .ولكن بصور مختلفة ووسائل إعلامية تناسب بيئتها
ومكان
نشأتها،فاستطعنا أن ندرك حقيقة تأثير أسواق العرب ووسائل دعوتها وأهميتها كوسيلة من
وسائل الإعلام القديمة .







         و تظل المصادر الأساسية في الإسلام مهيمنة على كل نظرية توصف بأنها
"إسلامية " في أي ميدان من ميادين المعرفة .
و المصادر في الوقت نفسه يمكن أن تكون صادقة و رأيها ملزم في مدى سلامة و صحة
البناء النظري و مدى مطابقة الواقع العملي للبناء النظري السليم ، و سوف يتم علاج و
تحليل النظرة الإسلامية للإعلام من خلال أمرين هما :
1- خصائص النظرة الإسلامية أي خصائص الإعلام الإسلامي .
2- أهداف الإعلام الإسلامية .
فمن الخصائص التي يقسم بها الإعلام الإسلامي أولا الصدق .
فالصدق سمة من سمات القرآن في الرسالة و الدعوة الإسلامية ، كما أنها سمة رسولنا
الكريم محمد- صلى اللَه عليه و سلَم - رسولا و داعية ، و سمة المجتمع الإسلامي
الأمين الحريص على الدعوة الإسلامية .
فالقرآن كتاب الدعوة جاء من الحق بالحق ، فهي تنهى عن الكذب و الخداع ، كما أن
الرسول - صلى اللَه عليه و سلَم - أرسل للناس كافة بالحق مصدقا لما بين يديه من
سابق الرسالات الأخرى . فالإسلام مذهبية ملزمة و منهج حياة متكامل و نظرته
الإعلامية تتوخى الصدق و تتحرى الحق سواء في الأخبار أو في السلوك و حتى في النوايا
فلابد من إخلاص النية لسلامة العمل
و الصدق كإحدى قسمات النظرة الإسلامية للإعلام ، لابد من الالتزام به في مواطن
كثيرة :
1- صدق الخبر.
2- صدق الكلمة .
3- صدق الحكم1 .

والإعلام في النص القرآني ،لطالما رد على  أكاذيب المنافقين وكشف الحقائق وقطع
ألسنة الشائعات . فالإعلامي المسلم عليه أن يميز بين الوقائع و الشائعات ، وأن يحلل
ويفهم ويتابع كل شيء ، فيجب عليه تسجيل الوقائع بكل أمانة دون تحيز.
ولكل نوع من معاني الصدق تحمل معنى خاص بها ،يختلف به عن المعنى الآخر ،فللصدق
مواطن عديدة قد يصدق فيها وقد يشاع فيها الأكاذيب والإشاعات ،فلكل مجال من الصدق
يوضع معناه من خلال مفهومه فمنها:
1- صدق الخبر هو أمر هام في ثقة الناس وكسبها ،أي أن الخبر المذاع ملتزم بالواقعة ،
فلا يغير من الحقيقة شيء.
2- صدق الكلمة :فالكلمة الصادقة هي التي تنقل معلوماتها بغير تقصير ، وبغير دلالات
توحي بأهداف خبيثة ، فيجب أن يكون اختيارها مراعي فيه الأسلوب الإسلامي في الدعوة
والإعلام، وهو بعيد عن اللفظة الرخيصة واللغة الحادة المبتذلة.
3- صدق الحكم : إذا كان الخبر صادقاً والكلمة أيضاً ، فلابد للحكم أن يكون صادقاً ،
فالحكم يعني اتخاذ موقف من الخبر رفضاً أو  قبولاً، فعلى الإعلامي المسلم أن يتوخى
في التفسير الصحيح للوقائع بغير هوى ، وعرض الوقائع بدقة1.
والدعوة إلى الصدق والقول السديد في الإعلام الإسلام
،وذلك تفادياً لما يترتب على ذلك من أضرار جسيمة ،كأضرار اجتماعية وعقلية في عملية
الاتصال ، وذلك لأنه قد يؤدي إلى التفكير  الأعوج والمخاطبة غير السليمة في
المجتمعات الإسلامية.
وقد قضى الإعلام بعدم الخضوع للواقع المعوج ، أو الأهواء المنحرفة ، وإنما يدل ذلك
على أن الشريعة جاءت لإخراج المكلفين من دواعي أهوائهم  وملذاتهم والذين يسيروم حسب
منافعهم  ومقاصدهم.
  و هذا هو الواقع الذي يختص به الإعلام الإسلامي، فالواقية تعني بأنها لا تستقر
أحكامها و لا تضبط قواعدها إلا بملاحظة المصالح المطلقة و هي بعيدة عن الأغراض و
الأهواء          0
و خصيصة الواقعية في الإعلام  الإسلامي ،هي إحدى الخصائص العامة للإسلام، أو إحدى
خصائص الفقه الإسلامي الذي تنتمي إليه النظرة الإسلامية في الإعلام                                    
0
   و رؤية الواقع من المنظور الإسلامي، هي مدخل رجل الإعلام في الإعلام الإسلامي ،
و ذلك لكي ينير الواقع و يقوم بتغييره، ليتطابق المجتمع في واقعة مع الإسلام و
مذهبيته
    و لوسائل الإعلام تأثير على فكر الإنسان الحديث، فينبغي التحذير من سوء
استعمالها، لأن ذلك يشكل خطرا على مستقبل البشرية 01
    و من هنا نستنتج أن الإعلام يبتعد عن الإثارة، فهو يؤثر لا
يثير، فعين"الكاميرا"تطوف في آفاق الدنيا للتعبير عن قدرة
الله و آثارها في الكون ، و لكنا لا تثير الشهوات بالصور الخليعة و غيرها من
المشاهد أو المسامع الغير المرغوب بها0
    لقد كان الإسلام في عصر الرسول-صلى الله عليه و سلم- يواجه تحديات من لون خاص ،
فقد كان يستخدم الوسائل المتاحة له، فكانت الكعبة تستقبل كل عام مؤتمرا إسلاميا
ضخما ، فكان الرسول يترقب الوفود من كل الطرق التي يدخلون منها و كان يبث فيهم
الرسالة0
    و هذه المؤتمرات سواء كانت صغيرة أو مكبرة، فقد كانت تتسم بالقواعد الأساسية في
الإعلام فتبدأ بالاتصال ، ثم
عرض الدعوة و الإعلام بها و من ثم الحوار الذي يؤدي إلى سبل الإقناع و هذا ما يسمى
بالمرونة في الإسلام0
المرونة هي الخصيصة الثالثة للنظرة الإسلامية للإعلام، فهي مستمرة و قادرة على
مواجهة التطورات سواء في كيفية المواجهة أو في وسائلها0
كما أنها قادرة على مواكبة الوقائع المتغيرة المتجددة بحيث تجد لكل واقعة حكما0 و
تتسم المرونة بالاستمرارية و الثبات في أصولها، بينما ليس هناك جمود على رأي أو
موقف، فالحياة تتطلب تجديد الأفكار و تنويع المواقف01

و هذا الأمر يفرض على كليات الدعوة الإسلامية و معاهد الدراسات العلياللدعوة و
اقسام الإعلام الإسلامي في الجامعات التي تعني عناية خاصة بتربية كوادر إعلامية على
مستوى عال من الكفاءة العلمية و النفسية لتعمل في مراكز الدعوة و الإعلام في الداخل
و الخارج0
فالمرونة هي سمة النظرة الإسلامية في الإعلام التي توظف كل الإمكانات المتاحة
لتحويل وسائل الإعلام إلى أجهزة للدعوة إلى الإسلام0
النظرة الشمولية في الإعلام تعني الإهتمام بالمضمون و بالشكل و لا داعي في
التتفكير في مدى صلاحية التطورات
العلمية في ميدان الوسائل لأبلاغ الدعوة الإسلامية ،و إنما اختلال طبيعة المجتمعات0
التي يمارسون فيها دعوتهم و القوى التي تتعرض لهم متباينة و مختلفة، و إن وسائل
الدعوة للأفكار و النظريات و غيرها قد تطورت فجعلت تطورها أداء استيلاء على النفوس
و العقول ووسيلة مؤثرة على حياة الأفراد و الجماعات في هذه المجتمعات0
و الشمولية في النظرة الإسلامية للإعلام لا تعني فقط هذا الامتداد في المكان
ليستوعب الدنيا كلها ، و هذا الامتداد في الزمان ليحتوي البشرية في كل أجيالها، بل
هو أيضا منهج
شمولي تتعدد زوايا الرؤية فيه لتشمل الإنسان في حياته العقلية و حياته الوجدانية و
حياته الجسدية0
         و من هنا كانت النظرة الصحيحة إلى الإعلام الإسلامي لا تحصره في المعلومة
الدينية التي تقدم من وسائل الإعلام المقروءة و المسموعة و المرئية، تلك نظرة ضيقة
تعزل الدين عن الحياة0 و الإعلام الإسلامي منهج متكامل مبسط على كل مادة إعلامية
توجهها الأجهزة الإعلامية كرسائل إلى الجماهير10
و الحق أن سمة الشمولية تلقى هدفها و ظلالها على العمل الإسلامي في الميدان
الإعلامي سواء كان إعلاما في الداخل في أي مجتمع إسلامي ، أو كان الإعلام في الخارج
أي يتجه بالدعوة الإسلامية إلى العالم الخارجي0
إن أهداف النظام الإعلامي الإسلامي تحكمها مذهبيته و تفرضها وظائفه، فللإعلام
الإسلامي أهداف يمكن تركيزها في أمرين هما:
الأمر الأول: تدعيم الإسلام و تثبيته0
الأمر الثاني: تعميم الإسلام0
و لكل من هذين الهدفين أهداف جزئية كثيرة تتفرع منها، و لكل هدف منها نظامه و نطاقه
و دليله للعمل01
طالما كان الإعلام الإسلامي يرتبط بمذهبيته و يعمل في داخلها، فإن أهدافه تأتي من
أعلى أي غايات المذهبية و تتفرع أهداف أخرى من الهدفين الرئيسين هي:
تدعيم الإسلام :
1. نشر حقيقة الإسلام بين المسلمين0
2. التخفيف عن حدة الصراعات المذهبية0
3. التأكيد على العلاقة الوثيقة بين الإسلام و بين التربية و التعليم و الإعلام 0
4. مواكبة و مسايرة الواقع بكل المتغيرات التي تجري فيه و العمل على تقديم البدائل
الإسلامية، حتى لا يتم اللجوء إلى استيراد الحلول و تجريب التطبيقات المستوردة1
     التعميم الإسلامي وهو الهدف الاستراتيجي الثاني وهو أيضا يتفرع منه عدة أهداف
، لها نطاقها ودليلها للعمل
وهي: الاهتمام بكليات الدعوة الإسلامية في العالم الإسلامي والاهتمام بها ،بوضع
منهجية متاكاملة وبرامج للإعلام الإسلامي .
1- إنشاء جهاز قوي ماديا وبشريا  ليشرف على المراكز الإسلامية في الخارج وتزويدها
بكل ما تحتاج إليه من أجهزة وكتب ودعاة على أحدث مستوى
2- حماية الجاليات والجماعات الإسلامية في الخارج في الدول الأجنبية،وذلك نتيجة
الجهل أوالضغوط
3- التي يتعرضون لها من قبل الدول التي لا تدين بالدين الإسلامي1 .
إن هذه الأهداف وهي أهداف الإعلام الإسلامي لا تقع تحت حصر وإنما كل ما يؤدي إلى
الخير العام للإنسانية وهو أحد أهداف هذا الإعلام0

تعليقات